رحيل إلى القبر.!
لـ جمانه السيهاتي
من كتاب أحلام أنثـى
مذ بلغ الحلم و هو كلما لاحت إلى ناظره أسوار المقبرة استبشر وتهلل وجهه .!
و لايزال على هذه الحال حتى ظنت والدته أن مسا من الجنون
قد أصابه!
هي الأيام تمضي ,, توفيت والدته و دفنت في ذات المقبرة ,, في
تلك الليلة وقف مابين القبور ,, أطرق إلى الأرض وانهدلت
من عينيه دمعة..
في أمان الله يا أمــاه
مد ناظـره إلى القبور ,, وتمتم:: هي مابينكـم أمانة ,, إياكم وجعل أدران الأرواح تطغى على روحها النقية.,
كل يـوم يجلس إلى قـبر والدته و يحادثهـا ,, يبتسـم ويبكي بجانبها .!. و كأنما هي كذلك تجيبه .!!
هذه الليلة بدت مختلفة ,, كان يحادثها كما هي عادته .. صمت لوهلة ثم أردف :
أمــاه .. مالــك لا تردين علــي جوابا .!. أ أ خــدت روحك لقبر أخر؟ أم هو ثقل التراب أضعف سمعك .؟
مد ذراعه ومسح التراب المتراكم فوق شاهد القبـر
اعتلته الدهشة ,, اتسعت حدقتا عينيه حينما قرأ ماكتب ::
أنا لازلـت هنا ياولدي
ولن أبارح حتى تأتي بجانبي
ارتعدت أطرافه ,, أسبل قامته وجلا
تفاجأ بصــوت من خلفه يحادثه .. التفت و إذا هي فتاة تضرب على صدرها وجيبها بخمار أسود وبدا وجهها كفلقة قمر .!
نظر إليها فاغرا فاه مندهشا ..
بادرته بالسؤال :
هل أنت على مايرام ؟ تبدو وكأنك رأيت شبحا ..!
أشار بإصبعه لشاهد القبر ,, قرأته و قد كان مكتوبا عليه اسم
والدته
- إنه قبر عادي كما بقية القبور
- لا .. إنه ليس كذالك .. اقرئي ماكتب على شاهد القبر ..
- إنه اسم امرأه ..
عاد وقرأ ماكتب مجددا .. اسم والدته .!
- إنه اسمها ,, هذا قبر والدتي ..!!!
أطبق الصـــمت على المكان ,, أدار ناظره وقـد رأى تلك الفتاة تتخطى القبور قائلة :
عــد إلى بيتــك الآن ,, و لا تكـن عجــولا فقــبرك محفــور لا محالة .!!
وبدت كأنها تتلاشى مع الظلام .!
حارس
وقف مشـدوها مابين القبور في أرض خلت من الأنفس الحية , تقدم نحو بوابة المقبرة قاصــدا الخروج, شـد الباب ليفتحه ما
استطاع.!
شــعر وكأن حجرا أثقل تنفسـه اعتلى شهيقه و الزفير وبدا وجهه شاحبا يتفصد عرقا و لأول مرة يتملكه الخوف .!
فاجأته الفتاة مجددا ::
- لقد أغلق الحارس الباب ..
- أنت هنا .!!
- نعم ,, أنا هنا ,, الباب مغلق كيف لي أن اخرج.؟!
- أنت لست بشرا أقسم ..
افترت عن ثغرها ابتسامة ::
_ والـذي نفسـك بيده إني خلقت من ذات الطين الذي خلقت
أنت منه ..
شعر و كأن لسانه ربط عن الكلام بينما كانت تسترق له النظر مبتسمة.!
توغـل الصــمت بينهمـا ,, وبدت رائحـة السـدر و الكافور قد انتشرت في الأجواء ,, لازالت تربة ذلك الميت رطبة ..!!!
- ما اسمك ؟
- مالك و اسمي .؟
- لم أنت وجل مني؟؟
- أنت لست فتاة عادية
تبسمت و أشارت بناظرها لقبر ليس له شاهد
- ذاك قبر والـدي ,, لقد توفي هذا الصــباح ورائحة الكافور هذه منبعثة من أكفانه.!
- أين شاهد قبره .؟؟؟
- أوصى والدي بأن لا يوضع على قبره شاهد
- وكيف يعرف ؟
- هو يعرف نفسـه و يعرف من أراد زيارته , ومن سيزوره فإنه بلا شك سيعرفه ..!!!
بدت في عينيه الدهشة مما سمع .!.. و ساد الصمت مجددا ..
هنيهات حتى فتحت البواية و إذا هو الحارس صارخا فيهما ::
- ألا تعلمان أن المقبرة توصد أبوابها قبل مغيب الشمس !..
عودا من حيث أتيتما و اتركا الموتى لينعموا براحتهم.!
- كيف عرفت أنا هنا ...!!!!؟
لم يجبه الا بإشارة لهما حتى يخرجا
وقــف مع تلـــك الفتاة على قارعة الطريــق وقد خلت الزقة من ساكني بيوتها
- لاتخف .. إنه يعرف ,, الأموات قد أخبروه
أعرض عنها ولم يجب و أخد بالسير عائدا إلى بيته
ما إن أسفر خيط الفجر حتى بادر بالذهاب للمقبرة مجددا و لم تكن قد فتحت أبوابها بعد ,, قادته قدماه إلى باب صغير
في الجانب الأخر من ذات المقبرة ..
أخذ بالسير إلى قبر والدته ,, تعثر بشاهد ملقى ولا قبر له .!.
كتب عليه :
إلى قبري خذني ,, رجوتك لا تتركني
بدون أن يشعر حمل بين كفيه الشاهد و أخده إلى قبر والد تلك الفتاة الغامضة ونصبه .!
مسح التراب عن الشاهد وقد تغير ماكتب فاصبح :: إني أبوها
أين هي عني .!
تراءت صـورتها أمامه وقد أخدته رعشـه نادى بأعلى صوته ::
أين أنت ..!!!!
ولا مجيب له سوى صداه.!.. هوى إلى الأرض ,, وضع رأسه بين ركبته و أجهش بالبكاء .!.. و لا زال علــى
هذه الحال حتى بزغت الشمس ..
أتته مربتة على كتفه
- أشكرك لوضعك الشاهد على قبر والدي
رفع رأسه ومد نظرها ابتسم :
- هل قرأت ماكتب عليه ؟
لم تجب .. بل أشارت إلى قبرين محفورين
- ذاك قبري والذي بجانبه قبرك .. هلم بنا إلى مضاجعنا .!
وقبل أن تتوارى عن ناظره سألها : من أنت ؟
تبسمت و أجابته : أنا نجمة هوت .. وقـد آن لي أن أعود من حيث أتيت
- لست أفهم.!
- عد لقبر والدتك ,, هي ستخبرك
وتلاشت مجددا ,, أغمض عينيه و عندمـا فتحهما رأى ذاته
بجانب قبر والدته و كأن شيئا لم يكن .! لثـم تراب ذلك
القبر.,
أستودعك الله يــا أمـــاه ,, لا اظن أن لي عودة قـبل أن يحين
أجلي
عاد لقبره المحفور وجده ردم وقد كتب عليه ::
و إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.
أتمنى أن تنــال أعجابكم
تحياتي
لـ جمانه السيهاتي
من كتاب أحلام أنثـى
مذ بلغ الحلم و هو كلما لاحت إلى ناظره أسوار المقبرة استبشر وتهلل وجهه .!
و لايزال على هذه الحال حتى ظنت والدته أن مسا من الجنون
قد أصابه!
هي الأيام تمضي ,, توفيت والدته و دفنت في ذات المقبرة ,, في
تلك الليلة وقف مابين القبور ,, أطرق إلى الأرض وانهدلت
من عينيه دمعة..
في أمان الله يا أمــاه
مد ناظـره إلى القبور ,, وتمتم:: هي مابينكـم أمانة ,, إياكم وجعل أدران الأرواح تطغى على روحها النقية.,
كل يـوم يجلس إلى قـبر والدته و يحادثهـا ,, يبتسـم ويبكي بجانبها .!. و كأنما هي كذلك تجيبه .!!
هذه الليلة بدت مختلفة ,, كان يحادثها كما هي عادته .. صمت لوهلة ثم أردف :
أمــاه .. مالــك لا تردين علــي جوابا .!. أ أ خــدت روحك لقبر أخر؟ أم هو ثقل التراب أضعف سمعك .؟
مد ذراعه ومسح التراب المتراكم فوق شاهد القبـر
اعتلته الدهشة ,, اتسعت حدقتا عينيه حينما قرأ ماكتب ::
أنا لازلـت هنا ياولدي
ولن أبارح حتى تأتي بجانبي
ارتعدت أطرافه ,, أسبل قامته وجلا
تفاجأ بصــوت من خلفه يحادثه .. التفت و إذا هي فتاة تضرب على صدرها وجيبها بخمار أسود وبدا وجهها كفلقة قمر .!
نظر إليها فاغرا فاه مندهشا ..
بادرته بالسؤال :
هل أنت على مايرام ؟ تبدو وكأنك رأيت شبحا ..!
أشار بإصبعه لشاهد القبر ,, قرأته و قد كان مكتوبا عليه اسم
والدته
- إنه قبر عادي كما بقية القبور
- لا .. إنه ليس كذالك .. اقرئي ماكتب على شاهد القبر ..
- إنه اسم امرأه ..
عاد وقرأ ماكتب مجددا .. اسم والدته .!
- إنه اسمها ,, هذا قبر والدتي ..!!!
أطبق الصـــمت على المكان ,, أدار ناظره وقـد رأى تلك الفتاة تتخطى القبور قائلة :
عــد إلى بيتــك الآن ,, و لا تكـن عجــولا فقــبرك محفــور لا محالة .!!
وبدت كأنها تتلاشى مع الظلام .!
حارس
وقف مشـدوها مابين القبور في أرض خلت من الأنفس الحية , تقدم نحو بوابة المقبرة قاصــدا الخروج, شـد الباب ليفتحه ما
استطاع.!
شــعر وكأن حجرا أثقل تنفسـه اعتلى شهيقه و الزفير وبدا وجهه شاحبا يتفصد عرقا و لأول مرة يتملكه الخوف .!
فاجأته الفتاة مجددا ::
- لقد أغلق الحارس الباب ..
- أنت هنا .!!
- نعم ,, أنا هنا ,, الباب مغلق كيف لي أن اخرج.؟!
- أنت لست بشرا أقسم ..
افترت عن ثغرها ابتسامة ::
_ والـذي نفسـك بيده إني خلقت من ذات الطين الذي خلقت
أنت منه ..
شعر و كأن لسانه ربط عن الكلام بينما كانت تسترق له النظر مبتسمة.!
توغـل الصــمت بينهمـا ,, وبدت رائحـة السـدر و الكافور قد انتشرت في الأجواء ,, لازالت تربة ذلك الميت رطبة ..!!!
- ما اسمك ؟
- مالك و اسمي .؟
- لم أنت وجل مني؟؟
- أنت لست فتاة عادية
تبسمت و أشارت بناظرها لقبر ليس له شاهد
- ذاك قبر والـدي ,, لقد توفي هذا الصــباح ورائحة الكافور هذه منبعثة من أكفانه.!
- أين شاهد قبره .؟؟؟
- أوصى والدي بأن لا يوضع على قبره شاهد
- وكيف يعرف ؟
- هو يعرف نفسـه و يعرف من أراد زيارته , ومن سيزوره فإنه بلا شك سيعرفه ..!!!
بدت في عينيه الدهشة مما سمع .!.. و ساد الصمت مجددا ..
هنيهات حتى فتحت البواية و إذا هو الحارس صارخا فيهما ::
- ألا تعلمان أن المقبرة توصد أبوابها قبل مغيب الشمس !..
عودا من حيث أتيتما و اتركا الموتى لينعموا براحتهم.!
- كيف عرفت أنا هنا ...!!!!؟
لم يجبه الا بإشارة لهما حتى يخرجا
وقــف مع تلـــك الفتاة على قارعة الطريــق وقد خلت الزقة من ساكني بيوتها
- لاتخف .. إنه يعرف ,, الأموات قد أخبروه
أعرض عنها ولم يجب و أخد بالسير عائدا إلى بيته
ما إن أسفر خيط الفجر حتى بادر بالذهاب للمقبرة مجددا و لم تكن قد فتحت أبوابها بعد ,, قادته قدماه إلى باب صغير
في الجانب الأخر من ذات المقبرة ..
أخذ بالسير إلى قبر والدته ,, تعثر بشاهد ملقى ولا قبر له .!.
كتب عليه :
إلى قبري خذني ,, رجوتك لا تتركني
بدون أن يشعر حمل بين كفيه الشاهد و أخده إلى قبر والد تلك الفتاة الغامضة ونصبه .!
مسح التراب عن الشاهد وقد تغير ماكتب فاصبح :: إني أبوها
أين هي عني .!
تراءت صـورتها أمامه وقد أخدته رعشـه نادى بأعلى صوته ::
أين أنت ..!!!!
ولا مجيب له سوى صداه.!.. هوى إلى الأرض ,, وضع رأسه بين ركبته و أجهش بالبكاء .!.. و لا زال علــى
هذه الحال حتى بزغت الشمس ..
أتته مربتة على كتفه
- أشكرك لوضعك الشاهد على قبر والدي
رفع رأسه ومد نظرها ابتسم :
- هل قرأت ماكتب عليه ؟
لم تجب .. بل أشارت إلى قبرين محفورين
- ذاك قبري والذي بجانبه قبرك .. هلم بنا إلى مضاجعنا .!
وقبل أن تتوارى عن ناظره سألها : من أنت ؟
تبسمت و أجابته : أنا نجمة هوت .. وقـد آن لي أن أعود من حيث أتيت
- لست أفهم.!
- عد لقبر والدتك ,, هي ستخبرك
وتلاشت مجددا ,, أغمض عينيه و عندمـا فتحهما رأى ذاته
بجانب قبر والدته و كأن شيئا لم يكن .! لثـم تراب ذلك
القبر.,
أستودعك الله يــا أمـــاه ,, لا اظن أن لي عودة قـبل أن يحين
أجلي
عاد لقبره المحفور وجده ردم وقد كتب عليه ::
و إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.
أتمنى أن تنــال أعجابكم
تحياتي